أحلام اليقظة و الدعاء
عندما يخلو الانسان لنفسه تبدأ أحلام اليقظة والتي يتعمق فيها الانسان ويتمني فيها ما ترغب به نفسه ان يتحقق وبسرعة ، وقبل ان ابدأ في الاسترسال في هذا الامر تذكرت بعض المواقف الطريفة المتعلقة بموضوعنا هذا :
1) قال لي أحد الحالمين: تخيلت انني امتلك عمارة يقف بجانبها عدد من السيارات ، ثم قلت ان ذلك قليل ففكرت ان اكون ممتلكا لميدان كبير تقام عليه البنايات المختلفة ثم استقللت ذلك فتخيلت اني امتلك جزيرة تشيد عليها المباني الفارهة وتمتلئ بعرباتي الخاصة التي أختار منها ما اشاء للانتقال وان يستقبلني الوزراء والقادة متي ما ذهبت اليهم ... بعد قليل قلت في نفسي لماذا السيارات التي تنقلتي الي حيث اريد .. فلا داعي لها ، فاكون جالسا في مكاني ويأتي القادة والوزاء الي لزيارتي ... هنا انتبهت وعدت الي واقعي الحقيقي.
2) آخر قال بالامس غرقت في احلام اليقظة وتخيلت ان يكون عندي 500 الف دولار ... وبدأت في كيفية استغلالها من شراء لمنازل وعربات وان انفق منها علي اهلي واقاربي ... ثم اني استقللتها وانها لا تكفي طموحاتي فقلت في نفسي تكون مليون دولار وبدأت مرة أخري في طريقة استثمارها وتوزيعها ... ثم استقللتها ايضا .. واستمر بي الحال هكذا الي ان استيقظت علي واقعي الحالي.
اواصل :
الانسان المؤمن عندما يسترسل في احلام يقظته فهو يرجو الله ان يحقق له ذلك وعندما يعود لنفسه ولايجد ما تمناه يعود مرات ومرات لمثل هذه الاحلام وقد تتغير احلامه هذه حسب الحالة التي هو فيها ومرتبطة ارتباطا بانفعالاته اليومية نتيجة للاحداث في عالمنا هذا ... فقد يكون متمنيا ان يزول الظلم الواقع في عالمنا هذا من البشر علي اخوانهم سواءا محليا او عالميا وخاصة ما يسمعه في الأخبار من ظلم اليهود علي المسلمين في فلسطين ، ومن يعاونونهم علي هذا الظلم سواء كانوا من رصفائهم او من بني جلدتنا .. فهو يتمني ان يهب الله له من القوة ما يدفع به هذا الظلم .. .. الخ
الدعاء
يلجأ الانسان المؤمن الي الله العلي القدير في ان يحقق له مايريد وقد لا تأتي الأستجابة قريبا مع توفر كل شروط قبول الدعاء و ذلك لحكمة يعلمها الله عز وجل ولا يعلمها هذا الداعي، فعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم وإذا تمت هذه الشروط ولم يستجب الله عز وجل فإنه إما أن يدفع عنه من السوء ما هو أعظم، وإما أن يدخرها له يوم القيامة فيوفيه الأجر أكثر وأكثر. وعلي المؤمن ان يلح في الدعاء كما اخبر بذلك رسول الله صلي الله عليه وسلم.
تفكرت وقلت لو تقبل الله عز وجل دعاء كل مؤمن من متاع الدنيا وحققه له علي الفور ، فان الانسان لن يتوقف ابدا ... وكل ما استجيب له سارع الي دعاء لمزيد من عطاء الدنيا ، وان الله قادر علي ان يحقق للناس كل ما يريدون في الدنيا ولكنه ينزل كل شئ بقدر. قال الله تعالي {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ} الشورى ...... ولقد فضل بعضنا علي بعض لحكمة يعلمها هو ، واخبرنا ان الآخرة اكبر درجات وأكبر تفضيلا – قال تعالي في سورة الاسراء .. الآية (21) (انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً) ........ وفي تفسير الطبري ((ثم قال تعالى : "انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض " في الرزق والعمل ، فمن مقل ومكثر . " وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا " أي للمؤمنين ، فالكافر وإن وسع عليه في الدنيا مرة ، وقتر على المؤمن مرة فالآخرة لا تقسم إلا مرة واحدة بأعمالهم ، فمن فاته شيء منها لم يستدركه فيها )) انتهي.
وان رغبة الانسان لا يمكن ان تشبع الا في الجنة – ولذا فان الانسان اذا توفرت له كل شروط قبول الدعاء ولم يستجب له في الدنيا فانها تدخر له في الآخرة كما ذكرنا في الفقرة السابقة. فسبحان الله
روى أحمد والبزار. وأبو يعلي بأسانيد جيدة عن أبي سعيد الخدري أن النبي ـ صلّى الله عليه وسلم ـ قال:" ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث، إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدَّخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا : إذًا نكثر، قال:" الله أكثر" وروى أحمد والترمذي وقال حسن صحيح قريبًا من ذلك.