الإنذار الأخير - الغاء اتفاقية جوبا !
محمد نور السموأل
-----
■هرج ومرج وحروب قبلية وتجويع متعمد للشعب وسرقات ملياريه ، هذه هي أبرز نتائج إتفاق السلام الذي لم يجلب سوى المزيد من الدمار والخراب والفساد ، وها هي الحركات المسلحة وبعد تمكينها من مفاصل الدولة تهدد بالحرب اذا تم المساس بتلك الاتفاقية الجائرة التي لم تقوم علي العدل والمساواة ولكنها قامت علي الافتراء وتمكين فئات محددة دون فئات أخرى بذنب ثلاثين عاماً من حكم الإنقاذ.
■ إن خطاب المظلومية الذى تصدره تلك الحركات لا يتناسب مع الثورة السلمية التي قام بها شباب سوداني مستقل كان يطمح لتحسين معاش المواطن وتحقيق العدالة الاجتماعية بدون زيادة أو نقصان ، شباب لم يدركوا أن السودان مستهدف من الداخل قبل الخارج ، وأن أمراء الحرب الذين كانوا يأكلون من أطراف الدولة ويعملون علي تفكيك أركانها سيهجمون علي المركز ليس من أجل تحقيق العدالة والسلام ولكن من أجل القضاء علي ما تبقي منها ، فأغلب قيادات تلك الحركات هم أصحاب جوازات أجنبية يعيشون في أوربا حياة العز والرفاهية ، ولا يهمهم ما وصل اليه حال السودان من تدهور ولم يكن لهم دور في السابق في تبني المشاريع والبرامج التنموية حتي في مناطقهم الصغيرة ، ولكنهم استطاعوا أن يحملوا السلاح وأن يجلبوا التمويل الكافي لتسليح أفرادهم .
■ لم أكن أتوقع أبداً أن بعد سقوط الإنقاذ سوف تظهر هذه الجحافل من الضباع التي تريد أن تنهش كل جزء من أجزاء السودان دون رأفة أو رحمة ، هذا السودان الذي يتمتع برقعة جغرافية واسعة يميزها التنوع والاختلاف وتوحدها الروح الوطنية والروابط التاريخية بين مختلف القبائل شمالاً وجنوباً غرباً وشرقاً .
■إن إتفاق جوباً تم علي غفلة من أغلب المكونات السودانية الممتدة ، ووضع عدد من المسارات الظالمة التي لا تتوافق مع مقاصد ما بعد التغيير ، تلك المسارات التي منحت إقليم دارفور الكثير من الامتيازات دوناً عن بقية الأقاليم الأخرى الأمر الذي أثار الاحتقان وتسبب في عدد من الحروب والنزاعات القبلية ،وإرتفعت المطالب بإلغاء مسار الشرق ومسار الشمال والوسط ، فمثل هذه الاتفاقيات يجب أن تُبني علي مبدأ العدالة والمساواة وليس علي مبدأ القوى يأكل الضعيف .
■إن إتفاق جوبا يعتبر من أكبر أسباب فشل التحول الديموقراطي خلال الفترة السابقة وهو احد أسباب فشل حمدوك في إدارة الدولة كرئيس وزراء وهو سبب في فشل حكومة شركاء الانتقالية التي انتهت بعزل عضوية مجلس السيادة المدنيين ، وهي سبب في عدم تقبل المجتمع الدولي للمبادرات التي تحقق الوحدة الوطنية ، وهي سبب في عدم تشكيل حكومة كفاءات وطنية حتي اليوم ، والكثير من الأسباب مثل ارتفاع نبرة الخطاب العنصري من أبناء الحركات المسلحة في الخارج ، وأيضاً تسببت في المطالبة بفصل إقليم دارفور .
■وحتي بعثة الأمم المتحدة التي قدمت الي السودان بطريقة غير دستورية من أجل تحقيق ثلاثة أهداف فشلت في تحقيقها وانشغلت بملفات سياسية داخلية وعمدت الي تعميق الجراحات السودانية وفرقت بين أبناء الشعب الواحد ودرجت الي رفع تقارير كاذبه ومغلوطه عن الأوضاع في السودان ، ودعمت ومولت المعارضة المنتفعة من سوء الأحوال ، واعترفت بالأجسام الغير رسمية وقامت بإقصاء التيارات الوطنية المحافظة ، ودعمت برامج محاربة الدين وعززت مواقف دعاة العلمانية ، وساهمت في تعطيل المؤسسات الزراعية والإنتاجية بوعود كاذبه بالدعم الغذائي وفي نفس الوقت حاربت بطريقة غير مباشرة المبادرات الوطنية التي تضمن استقرار الفترة الانتقالية وتنقل بالبلاد الى الانتخابات.
■لقد أضحت إتفاقية جوبا الغامضة عقبه في تحقيق أي تحول ديموقراطي فهي تسببت في توريث السلطة والثروة لأشخاص لا يستطيعون إدارة أحياء صغيرة دعك من مؤسسات دولة كبيرة ، وتسببت في عدم أمكانية تشكيل أي حكومة مستقلة تهتم بمعاش الناس ، فوجود الحركات المسلحة في السلطة وفي المراكز الحساسة في الدولة يمنع هذا التحول ويتسبب في المزيد من التدهور والانهيار .
■إن هذه هو الإنذار الأخير لكل القوى السودانية الحادبة علي مصلحة الوطن وحتي للحركات المسلحة اذا ارادت استقراراً لهذه البلاد ، عليها أن تتراجع فوراً من هذه الاتفاقية وأن تقوم بعمل اتفاقية عسكرية فقط تضمن مشاركة تلك الحركات في السلطة من خلال مؤسساتها الحزبية وليس من خلال أسلحتها الثقيلة التي أصبحت تلوح بها في الهواء ، وتكون الاتفاقية الجديدة عبارة عن استيعاب وتسريح لتلك الحركات في مؤسسة الجيش السودانية ، فالأمر لم يعد يحتمل كثرة الجيوش والمليشيات ولقد أصبحنا نسمع طبول الحرب من قريب فهل الجميع مستعداً لها ؟
■ أعلموا يا قومي أن هذا هو الإنذار الأخير .