الجوهر صنفان : أولهما نسعى اليه وثانيهما نغفل المحافظة عليه
جوهر يرصع العقود والأساور والخواتم ويتصدر زجاج محال المجوهرات ونتلهف لاقتنائه ونعطيه قيمة لا يستحقها
وجوهر كامن فى الاشياء تحت قشرتها السطحية الهشة كثيرا ما نغفل عن قيمته ولا نوليه اهتمامنا الكافى
وحين تتكلس القشور تطغى الظواهر وتنحجب الجواهر عن النظر ويضل المريدئ طريقه فالظاهر لامع وخادع ومرواغ
نزق لا يعرف الثبات يتغير حسب الظروف وحسب تعاقب الليل والنهار ويبدل جلده حسب الفصول له قدرة عجيبة على التنكر
والتقمص والمراوغه قليل الصدق غير موثوق به
بينما الباطن ثابت متين مستقر حتى في تطوره صادق حتى في تستره لا يخدع ولا يكذب نقي لم تطله تلوثات المحيط
الكل تبهره القسرة ولا يكاد يمسكها حتى يحس بحاجته الاصيلة الملحة الى اللب
فالقسرة هشة واللب سميك والقسرة سطحية واللب عميق والقسرة زائلة واللب باق
جوهر الانسان الروح فاذا ما تجاهل شفافيتها غرق في جسديته ومطالبه المادية التى كلما اسكتها أغواه زخرف الدنيا بجديدها
مضيعا فى طريق ركضه خلفها كنزين لايفنيان هما السكينة والقناعة
وجوهر الحب العطاء والا وقف عند حدود الشهوانبة الشبقة التى سريعا ما تطفئ نارها بيدها لتبحث عن سيل جديد يطفئها
وجوهر الصدق الصداقة اذا ما تجردت منه سقطت فى النفعية والاستغلال والمصالح ودنسها الحسد والطعن والغدر اوالتفاخر
والتفاضل او اقتصرت في احسن احوالها على التسلية وقتل الوقت
وجوهر الفن الابداع بغيابه يتحول الفن الى مجرد حركات او كلمات او ألوان او أصوات يهلل لها الاعلان حينا ويسقطها
الزمن في سلة مهملاته
وجوهر التدين الايمان من دونه تصبح الطقوس اهدافا في حد ذاتها بعد ان كانت وسيلة اتصال مع الله
فترانا نصلى ولا نصل ونتعطف ونتكرم بدل ان نزكى ونتصدق ونجوع ونعطش بدل ان نصوم بجوارحنا _ وليس ببطوننا_ عن
شهوات الجسد والنفس الدنيا ونسافر نتجول بدل ان نحج ونتطهر
لا بد من الروحنة لنصل الى جوهرنا
حياتنا المادية تشغلنا عن جوهرنا وعن جوهر اشيائنا وكلما اتسعت مساحة المادة تقلصت مساحة الروح وكلما سمكة القشرة انحجب اللب
الروح تسكننا ولكن نادرا ما نلتفت اليها تشغلنا المرآة عنها تلهينا الاناقة وتمسكنا المعدة ويشدنا الفراش ويصم آذاننا صراخ جيوبنا الذى لا
يهدأ طلبا للمزيد من الحشو
الروح عمقنا بينما يغرينا السطح بسهولة عبوره والتزحلق عليه نستسهل الظاهر بينما فى الباطن حقيقتنا الخالدة وحقيقة ما حوالنا ولا بد من
الروحنة لنصل الى جوهرنا
فلجدران البيت روح وللزهرة روح وللقلم روح ولجملة نكتبها روح ولتفاحة نقضمها روح
وانت عزيزي القارئ لا تنس انك روح من روح الله
فروحن حياتك تسعد بسكينتها