يمر الزمن في حياة الانسان من دون ان يلتفت باهتمام بالغ الى حكمته في المجتمع والكون ويكبر سنة بعد سنة ويدرك ان الشمعة التى
تحترق يختفى لهيبها وان الشمعة التى لم تشتعل ستبقى نارها كامنة فيها
وكم يكافح الانسان فى كل لحظة من شباب حياته فى البر والبحر وفى ذلك دلالة على حركته وصحته
وفد صدق المتنبى حين قال
آلة العيش صحة وشباب
اذا وليا عن المرء ولى
ويستمر فى كفاحه الى ان يصلى الى ارذل العمر ويدق الارض بقدميه تاركا فى كل موطئ قدم نقطة من دمه تعود الى التراب
وقد عبر عن ذلك الشاعر التهامى بقوله
فالعيش نور والمنية يقظة
والمرء بينهما خيال سار
لهذا يتعلم الانسان اشياء كثيرة من تجاربه التى تمر فى زمن عمره منها
يتعلم كيف يكون التجدد والتحديث والتغيير في حياته للتخلص من رتابتها لكن من دون ان نلطم الخدود كما تفعل النساء ويفعل بعض
اشباه الرجال من المثقفين والمفكرين
يتعلم كيف يرسم ملامح المستقبل من الماضى المجيد لان الفلسفة اليونانية اكدت انه لا شئ يخرج من لا شئ
يتعلم عدم التسرع فى القرارات والتمهل فى التفكير وان جدة الانسان تتشكل بعد سنوات بالاخلاق والسلوك السليم
يتعلم كبرياء الصبر والتواضع والتسامح والصدق فضلا عن فعل الخير من دون مقابل وتلقي الاساءات بصدر رحب وان الشكوى لغير الله مذلة
يتعلم كيف يكون الكفاح من اجل الوطن والشعب والدفاع عن المستضعفين فى الارض نشدانا للعدالة الاجتماعية والتمسك بالهوية العربية
والثقافة العربية التى لم يستطع الاحتلال على مدى قرون ان يستلبها او يؤثر فى خصوصيتها واصالتها
يتعلم كيف يلتفت بعين الرحمة الى طفل بائس او يمسح دمعة عن خد مريض او يتيم او طفلة بريئة او عجوز متعبة مهما كان لون بشرتهم
ولغتهم وديانتهم وسيدرك حينها انه تفوق بانسانيته على كل الاحقاد التى تمر فى حياته
لانه قد يكون مثلهم ضحية في يوم من الايام وحينئذ ستكون اللحظات لها قيمة ومعنى
لكن كيف يتعامل الانسان مع اللحظات السود بواقعية؟
هناك فى حياة الانسان بقعة بيضاء تنير طريقه للخروج من ظلمة الغابة
وللتغلب على هذه اللحظات لا بد من التسلح بالصمود
لكن ماذا يخبئ لنا الغد فى هذا الزمن الطويل؟
لا احد يعرف
وفى هذا دعوة لان يعبر الانسان الى يوم جديد وزمن جميل مهما كان يحمل فى طياته من عوالم خفية بثقة وتفاؤل من اجل الحياة والاخرين