متعب هو الحلم ومتعبة انكسارات النفس وهى تنظر في مرآة العمر اذ لاشئ غير السراب ولهيب الشمس في
صحراء لا حدود لها مع قافلة لا دليل لها وقد نضب الماء وجف الحلق وضاقت الشرايين
فاين هى يا ترى الواحة الموعودة؟
ذلك الوعد الكاذب الذى قالته على حين غرة وصدقها؟
فلا شئ غير التعب والنظر الى الخلف
حين الحرائق والى الامام حين المجهول والى السماء وما ثمة بارقة امل والى الارض وهى تميد
وكأن الرحلة توشك على النهاية
وكأن الروح توشك على التمرد
ولوهلة ظن المسافر انه اقترب من الميعاد وعادت له بقية من الطمأنينة
وعلى عجل عادتة فاخذ منه ما شاءت وذهبت
وفاض ما فاض من الدموع
وجف ماجف من ورق شجرة الاحلام التى كانت ذات يوم وارفة الظلال وجنية الثمر
فكلما مد يده تناول تفاحة حلم جميل
ثم استنشق عبيرها وغفا متأملا
والابتسامات وفد اثر وفد يتعاقبان
وعلى حين غرة دهمه الليل وليل الشعر طويل
وليل الشاعر تنسجه عناكب سود تحمل معها المصائد
لمن ادمن سفك دم القصائد في حلكة العمر
الآخذة فى رهبتها كل الاحلام البيضاء
ورفيف اجنحة الحزن
وحيث لا مكان واثناء لازمان تطل برأسها حية تحمل في فكيها سما من ذاقه فانه
لا يموت ولا يحيا بل يقبع في برزخ من الآلام كاشد ما يكون العذاب
وفى وسط كل هذه الفوضى المنظمة بعناية يد الاقدار
تطل روح تأبى ان تنحني لكل الجلادين
مؤمنة بان هذا ليس قدرها الاخير ولو ان التعب قد اخذ ما اخذ
ولم يترك شيئا الا بقية من انفاس ملأى برائحة التعب
وللتعب رائحة يعرفها من جرب صمود الروح وتتالي النكبات
ومن ظن ان كثرة المال او رفعة المنصب تقي من التعب فقد جانب طريق الرشاد
بل ان كثيرا من الألم والحسرة يكون باعثها الاكبر كثرة المال وجالبها الاول رفعة المنصب
ورب اشعث اغبر لا يلقي له الناس بالآ
اعظم سعادة من اصحاب الثروات الطائلة والمناصب العالية
ولو جاز التخيير للانسان فان يوما سعيدا في الدنيا
خير من اعوام طوال حافلة بالتعب الذى لا ينقضي
ولهذا اقول لكل المتعبين تمنوا ولو يوما واحد من السعادة