الشريف الغازى روح المنتدى
عدد المشاركات : 61 العمر : 39 التقييم : 21 نقاط التميز : 9569 اشترك فى : 31/03/2010
بطاقتى قوة الأشراف: (0/0) احترام قوانين المنتدى: (0/0)
| موضوع: خصائص الأمة المحمدية الأحد 4 أبريل 2010 - 2:35 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم من خصائص الأمة 22/2/1426هـ الشيخ/ ناصر بن محمد الأحمد
الخطبة الأولى: إن الحمد لله... أما بعد: أيها المسلمون: أوصيكم ونفسي بتقوى الله - عز وجل -، بها يحسُن المخرَج من كلِّ ضيق، وبها تحصُل النجاة من الشقاء {وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} [(2 - 3) سورة الطلاق]. إنَّ الأمةَ الإسلاميّة اليوم وهي على مفترَق طرقٍ، تعاني تكالُب الأعداء، وتقاسي التحدِّيات المتنوعة، وتتجرَّع الأضرارَ المختلفة، وتعايش الأخطار المحدِقة، لفي أشدِّ الحاجة إلى ما يُصلح أحوالَها ويسدِّد شؤونها. ما أحوجَها لما يعيد الثقةَ والطمأنينة، ويُرسي لها سبيلَ العزّة والرفعة، ويقودها لطريق الفلاح والسعادة. إنّ الأمّةَ اليوم في أمسِّ الحاجة لمراجعةِ خصائصها والتبصُّر في مقوِّماتها، إذ الأمةُ ذاتُ خصائصَ لا تقوم لها حياةٌ طيبة ولا تندرج في مدارجِ الكمال ولا تنتظِم في سِلك السعادة والنصر والفلاح والعزَّة إلاَّ بتحقيقها وتحصيلها. أيها المسلمون: إنَّ أعظمَ خصائصِ هذه الأمّة أنَّها أمّة خضوع لله - جل وعلا - واستسلام لأمره ونهيه في كلِّ شأنٍ من شؤونها، على ضوء قوله - جل وعلا -: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبّ ٱلْعَالَمِينَ* لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ} [(162 - 163) سورة الأنعام] إنه الاستسلام الكاملُ لله ولرسوله في جميع نواحي الحياة صغيرها وكبيرها، تنفيذًا لقول الله - جل وعلا -: {فَلاَ وَرَبّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلّمُواْ تَسْلِيمًا} [(65) سورة النساء]. أمّةُ الإسلام لا تحصِّل سعادةً وفلاحًا ولا تحقِّق عزًا وتمكينًا إلا بتحقيق كاملٍ لعقيدة التوحيد الخالص والإيمان التامّ {ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ ٱلاْمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ} [(82) سورة الأنعام] أمنُها بكلِّ صُوَره واستقرارها بشتَّى مجالاته مرهونٌ بتلك القاعدةِ الإيمانية التي تعطِيها الثقةَ والطمأنينة، فلا تخشى أحدًا إلاَّ الله - جل وعلا -، لإيمانها بأنَّ كلَّ قوّةٍ عند قوّة الله هباء، وكلَّ سلطانٍ سوى سلطانه سراب، يقول الله - جل وعلا - حاكيًا عن خليله إبراهيم - عليه السلام -: وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاء رَبّي شَيْئًا وَسِعَ رَبّي كُلَّ شَيْء عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ} [(80) سورة الأنعام]. وأيضاً من خصائص هذه الأمة: أنها أمة البعدُ عن اللغو في جميع صُوَره وشتى حالاته، ومجانبةُ اللهو الباطل والشهواتِ المحرَّمة، ذلكم أنَّها أمّةٌ يجب أن تبقى في المرتقَى الأعلى الذي يتطلَّبه إيمانها بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمَّد نبياً ورسولا. أمّةُ جدٍّ وإصلاح، تعمّر حياتها بكلِّ نافع، وتستثمِر طاقاتها في سبيل البناء والنماء والرقيّ. أمّةُ الإسلام أمّةٌ ترتبط مجتمعاتُها بالطهارة والنـزاهة في التصرُّفات كلّها والرغبات جميعها، فهي دائمًا بحُكم دينها منتصِرة على النفوس وشهواتِها وحبِّ الذات ولذّاتها، إلاَّ فيما أباح الربُّ - جل وعلا - وأحلّ {قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ* ٱلَّذِينَ هُمْ في صَلاَتِهِمْ خَـٰشِعُونَ* وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ* وَٱلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَـوٰةِ فَـٰعِلُونَ* وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَـٰفِظُونَ* إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوٰجِهِمْ أَوْ مَا مَلكلمه محظورهتْ أَيْمَـٰنُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [(1 - 6) سورة المؤمنون]. من خصائصها كذلك: أنها خيرُ الأمم {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} [(110) سورة آل عمران] حقيقتُها أنها أُخرِجت لتكونَ طليعةً وقائدةً إلى كلّ خير، واجبُها إبراز الخير للأمم بما تمارسِه من اعتقادٍ صحيح وخُلُق قويم ومبادئ فاضلة، هي خيرُ الأمم لما تحقِّقه من الإيمان الصحيح ومن النهوض بتكاليفِ الأمّة الخيِّرة بكلّ عملٍ خيِّر إيجابيّ يحفَظ حياةَ البشر من الفسادِ وعوامله، والمنكر وأسبابه، والشر ومضامينه، وبما تقوم به من دعوةٍ للفضيلة وإقامةِ حياةٍ خيِّرة تقود للموازين العادلة والقيم الطيبة. وحينئذ، فمتى فقدت الأمّة مقوّمات هذه الخيريّة التي اختُصَّت بها أو أخلَّت بشيء من شروطها وقعت في الأضرار والمِحن وحَصَلت لها الشرورُ والفتن، يقول -صلى الله عليه وسلم-: ((والذي نفسي بيده، لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر أو ليوشكنَّ الله أن يبعثَ عليكم عقابًا منه، ثمّ تدعونَه فلا يُستجاب لكم)) [رواه الترمذي]. فالخيرية من سمات هذه الأمة، هي خير الأمم، وأكرم الأمم قاطبة عند الله - عز وجل -. خير الأمم في أعمالها، خير الأمم في أخلاقها، في منازلها في الجنة، في مقامها في الموقف، وهذه الخيرية ما جاءت إلا عن طريق تمسكها بهذا الدين. وأيضاً: من خصائصها أنها منصورةٌ من الله - جل وعلا -، فمهما وُضِعت في سبيلها العوائق وقامت في طريقها العراقيل، ومهما رصَدَ الباطلُ من قوّة الحديد والنار وفنون الدعايات المُغرضة والافتراءات المتناهية، فهي موعودةٌ بالنّصر الشامِل والعزِّ الكامل في دينها ودنياها، في حربها وسلمها، لكنَّ هذا النصرَ مشروطٌ بالصّدق في الإيمان والعمل بالإسلام والقيام بسنة سيّد الأنام والاهتداء بسيرته عليه أفضل الصلاة والسلام، {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ، إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ، وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ} [() سورة الصافات]. أمةُ الإسلام أمةٌ موعودةٌ بالاستخلاف في الأرض وبالتمكين المتين على الدين الحقِّ والحياة الآمنة من المخاطر والأضرار، ولكن هذا الوعدُ مرتبطٌ بقيام الأمة بحقوق هذا الدين، والالتزام بطاعة ربِّ العالمين، حتى لا يبقَى منها هوًى في النفس ولا شهوةٌ في القلب ولا حركة في هذه الدنيا إلاَّ وهي تبعٌ لما جاء به المصطفى {وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي ٱلأرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدّلَنَّهُمْ مّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ، وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاةَ وَاتُواْ ٱلزّكلمه محظورهاةَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [(55) سورة النور]. إنّه الإيمان الذي يُلزِم الأمّةَ بالتوجُّه الصادق لله في الاعتقاد والتعبُّد، في التشريع والحُكم، في العَمَل والسلوك والتصرُّفات. الإيمانُ الذي يقود لاتِّخاذِ الإسلام منهجَ حياةٍ لتحقيق الاستخلاف في الأرض، الاستخلافِ الذي تقوم به أمّةُ محمد، تقوم به في الإصلاح والبناء، لا في الهدم والفساد، تقومُ به الأمة على العدل والإحسان، لا على الظلم والجَور. من أبرز خصائصِها وأمتن مقوِّمات عزِّها وأعظم أسبابِ صلاحها مبدأ الاتفاق على كلِّ خير والاجتماع على كلّ برّ والالتحام في ضوء عقيدتها وثوابت دينها فربّنا - جل وعلا - يقول: {وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ} [(103) سورة آل عمران] ونبينا -صلى الله عليه وسلم- يقول ((إنّ الله يرضى لكم ثلاثًا ويكره لكم ثلاثًا، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرّقوا، ويكره لكم قيلَ وقال وكثرةَ السؤال وإضاعةَ المال)) [أخرجه مسلم]. ومِن هنا فمتى حادَت الأمةُ الإسلامية عن هذه الخاصيّة، فتفرّقت كلمتُها واختلفت توجهاتُ أبنائها وتبدَّدت وحدةُ صفِّها، عندئذ يضعُف شأنها، وتذهب هيبتها، وتفشل في جميع أمورها، {وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَٱصْبِرُواْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ} [(46) سورة الأنفال]. وإنّه لحريّ بالأمّة اليوم أن تنسَى خِلافاتها، وأن تقدِّم الصالحَ العامّ على الصالح الخاصّ، وأن تحذوَ حذوَ غيرها فتأخذَ بمضامين الوحدةِ وأسباب الاجتماع على الهدى والخير والصلاح. وأيضاً: هذه أمة الغيث كما وصفها وشبهها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالغيث الذي ينتفع به الناس، قال - عليه الصلاة والسلام - كما في حديث أنس عن الترمذي وغيره: ((مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خيرٌ أم آخره)) فهذه الأمة، أمة الغيث لا يدرى أوله خير أم آخره؛ لأن الغيث كله خير، وفي كله خير، في أوله وفي أوسطه وفي آخره، فكل نوبة من نوبات المطر لها فائدة في النماء لا يمكن إنكارها، والحكم بعدم نفعها، بل إن كل حبة من حبات المطر له فائدته. فكذلك هذه الأمة، كل فرد من أفرادها ينفع، وله دوره الذي ينبغي عليه أن يمارسه، بل إن كل فرد بمقدوره أن يقدم الكثير لدينه وأمته. أنك فرد في أمة الغيث، وأنت أحد حبات المطر، فهل أنت مدرك لذلك ومدرك للدور الذي يجب أن تقوم به؟. أسأل الله أن نكون كذلك... من أبرز خصائص الأمة أنها أمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: إن خيرية هذه الأمة جاءت من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ({كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} [(110) سورة آل عمران]. فكلما قوي هذا الجانب في الأمة، وحرصت على زيادة ودعم هذا الأمر، زاد ذلك وقوى من خيريتها على باقي الأمم، لكن إذا فرطت الأمة في الأمر بالمعروف وفرطت في النهي عن المنكر، حتى أدى ذلك إلى انتشار الرذيلة، وتفشي الأخلاق السيئة، فأين الخيرية على من سواهم؟ إذا صارت شوارعنا ومناهجنا وإعلامنا وأسواقنا وأخلاقنا واقتصادنا، كله يستقي من نتن الغرب والشرق فأين هي الخيرية؟. روى مسلم في صحيحه قوله - عليه الصلاة والسلام - ((إن الله تعالى إذا أراد رحمة بأمةٍ من عباده قبض نبيها قبلها فجعله لها فرطاً وسلفاً بين يديها وإذا أراد هلكة أمة عذبها ونبيها حي فأهلكها وهو ينظر فأقر عينه بهلكتها حين كذبوه وعصوا أمره)). انظروا إلى رحمة الله جل وعز بنا هذه الأمة. الأمم السابقة كانت إذا خالفت أمر الله، وخالفت وعصت الرسول الذي أرسل إليها أهلكها الله - عز وجل - وعذبها ونبيها ينظر إليها، أما هذه الأمة فمن رحمة الله بنا أن قبض رسوله - صلى الله عليه وسلم -. وانظر الآن إلى المخالفات التي تخالفها هذه الأمة ما جاء به رسولها - صلى الله عليه وسلم -، مخالفات على مستوى الأفراد، مخالفات على مستوى الشعوب، ومخالفات على مستوى الدول ومخالفات على مستوى الأمة. ما من نبي من الأنبياء إلا ورأى عذاب قومه بعينه أو حصل لهم عذاب وهو حي بين ظهرانيهم. فنوح - عليه السلام - قد دعا على قومه {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [(26) سورة نوح] فاستجاب الله له فأهلكهم جميعاً حتى ولده، قال تعالى: {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فكلمه محظورهانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ * وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [(42 - 44) سورة هود]، وقال تعالى عن قوم هود {فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ} [(72) سورة الأعراف] وقال - جل وعلا - عن قوم صالح {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ * فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ} [(78 - 79) سورة الأعراف]. وقال سبحانه عن قوم لوط: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ} [(83 - 84) سورة الأعراف] وقال - تبارك وتعالى - عن قوم شعيب: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [(91) سورة الأعراف]. أما هذه الأمة: فمن تمام رحمة الله بها أن قبض نبيها قبلها فجعله لها فرطاً وسلفاً بين يديها. جاء ملك الجبال إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك - وذلك عندما لم يقبلوا دعوته - وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فيما شئت؟ إن شئت أن أُطبق عليهم الأخشبين؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً)). قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [(33) سورة الأنفال]. قال ابن عباس - رضي الله عنهما- كما ذكر ذلك الحافظ ابن كثير في تفسيره قال: "كان فيهم أمانان: النبي - صلى الله عليه وسلم - والاستغفار، فذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - وبقي الاستغفار. فالرسول - صلى الله عليه وسلم - قبض، وكان هو الأمان الأول لهذه الأمة من أن يعذبها الله، وبقي الثاني معنا ألا وهو الاستغفار. فلو قصرنا في هذا فنسأل الله السلامة والعافية. فنسأل الله - عز وجل -، أن يوفق الأمة إلى الاستغفار مما هي واقعة فيه، أن تستغفر من ولاءها لغير الله، أن تستغفر من الربا الذي ينخر في اقتصادها، أن تستغفر من العلمانية الذي تهدد مجتمعاتها، أن تستغفر من الظلم الواقع في غالب أرضها، أن تستغفر من تقصيرها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإلا فعذاب الله لا محالة. أيتها الأمة المفضَّلة: أدرِكوا الشَّرطَ والمشروط، تبصَّروا في الوعد والموعود. تذكَّروا أنه عَبر تاريخ الأمة فإنها ما استقامت على المنهج المرتضى وما مِن مرّة سارت على هذه القاعدة القرآنيّة، وحكَّمت هذا المنهجَ الرباني وارتضته في كلّ أمورها إلاَّ وتحقَّق لها وعدُ الله - جل وعلا - بالاستخلاف والأمن والفلاح والسعادة، وما من مرَّة خالفت هذا المنهجَ إلاَّ وتخلَّفت في ذيل القافلة، وذلَّت بعد العزّة، واستبدَّ بها الخوفُ بعد الأمن، وتخطَّفها الأعداءُ من كلّ جانب. أيّها المسلمون: كيفَ ترجُو الأمّة الإسلامية فلاحًا وقد أضاعت كثيرًا من مقوّماته؟! كيف تصبو إلى عزٍّ وتمكين وقد فرَّطت في أسُسه وشروطه؟! كيف تفلح الأمةُ حين تحكِّم غيرَ شرع الله، وحين تقود حياتَها بغير هديه؟! كيف ترجو النجاةَ من المخاطر وقد أهملت في كثير من مواضِعها قاعدةَ الإصلاح، وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حياتها وبين أبنائها؟! أنّى للأمة العزّة والسؤددُ والنصر والسعادة حين ترى في أبنائها إطلاقَ الشهوات بغير ضوابطِ الشرع المطهَّر التي تضبط الخلَلَ وتصون عن الفساد بكلّ مجالاته؟! كيف تنجو الأمة من مصائبها وتتخلَّص من مِحَنها وفي أبنائها ومِن بني جِلدتها مَن يسعَى لإضلال مجتمعاتها ويتسبّب في فساد أخلاقِ أفرادها بما يبثُّه من برامجَ إعلاميةٍ هابطةٍ تتضمَّن كلَّ فسادٍ وتشتمل على كلِّ ضرر؟! وربُّنا - جل وعلا - يقول: {إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلْفَاحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [(19) سورة النور]. بارك الله لي ولكم في القرآن، ونفعنا بسنة سيّد الأنام، أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية: الحمد لله على إحسانه... أما بعد: أيها المسلمون: إنّ الأمةَ الإسلامية أمةٌ واضحةُ المنهج، منهجُها منهجُ الهداية والإيمان، منهجُ الشريعة والإسلام، فمتى خالفت أو حادت أصابَها شقاءُ الدنيا قبلَ شقاءِ الآخرة، وعاشت في تخبُّطٍ وحيرة وأصابها الضّنك من كلّ جانب {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم منّي هُدًى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَىٰ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ أَعْمَىٰ} [(123 - 124) سورة طه]. فإن من تمام نعمة الله على البشرية أن ختم الديانات السابقة، بالحنفية السمحة بملة الإسلام {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [(3) سورة المائدة]. وإن من تمام نعمة الله على هذا الدين، أنه خصه - عز وجل - بخصائص عظيمة جليلة، وأفرده - سبحانه وتعالى - بخيرات لم تكن في الأديان السابقة كاليهودية والنصرانية، والمتأمل لهذه الخصائص يجد العجب العجاب من عظمة الإسلام وبهائه ورونقه وسموه مما لا تزيد المسلم إلا تمسكاً بها، وارتباطاً واعتزازاً أيماً اعتزاز. وإن مما يؤسف له أشد الأسف أن تجد بعض أبناء هذه الأمة قد أقبلوا بوجوههم شطر الحضارة الغربية، بل قل الحظيرة الغربية، واشرأبت أعناقهم إليها، وتاقت نفوسهم إلى الإنكباب عليها، ساعدهم في ذلك هوى متبع، وجهل عميق بالإسلام، وثمن بخس زهيد في طلب متاع الدنيا الفانية، الذي باعوا به عزتهم وكرامتهم وأمتهم. ومع الأسف الشديد، فإن طلائع هذا الغزو وصل إلى مناهج التعليم في البلاد الإسلامية وبدأ هذا الأخطبوط في مد أذرعه إلى هذا المعقل الحصين، فأفسد وأتلف، ويجب على الأمة وهي مسئولة ومحاسبة على ذلك عند الله سبحانه، أن تحفظ هذا المعقل من السقوط والتردي وأن تبرز للمسلمين حقيقة الإسلام وخصائصه، وكم هو غنيٌ بالحقائق والخصائص. ومع كل هذا المكر وهذا الكيد، فإن الله - عز وجل - حافظ دينه، ومعليٌ كلمته ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. اللهم إنا نسألك رحمة تهدي بها قلوبنا...
| |
|
محمد عبد الغفار صائد الكلمات
عدد المشاركات : 382 العمر : 36 الموقع : الخرطوم العمل : طالب المزاج : متوسط التقييم : 91 نقاط التميز : 9196 اشترك فى : 31/03/2010
بطاقتى قوة الأشراف: (0/0) احترام قوانين المنتدى: (0/0)
| موضوع: رد: خصائص الأمة المحمدية الإثنين 5 أبريل 2010 - 14:03 | |
| بارك الله فيك ايها الشريف الغازي | |
|
اخبار المغازية مغازى حسينـى
عدد المشاركات : 575 العمر : 39 الموقع : mqazia.hooxs.com العمل : داخل هذا المنتدى المزاج : الحمد لله التقييم : 65 نقاط التميز : 13313 اشترك فى : 04/08/2008
بطاقتى قوة الأشراف: (100/100) احترام قوانين المنتدى: (100/100)
| موضوع: رد: خصائص الأمة المحمدية الثلاثاء 6 أبريل 2010 - 3:29 | |
| | |
|