الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى من اقتفى أثره إلى يوم الدين .
هذه قصة لشابة احببت قصتها لانها جد مؤثرة واتمنى الكل يقراها ويدعوا لنا ولها بالثبات يارب.
في ليلة .. كانت كباقي الليالي ربما.. ولكن لم تكن بالتأكيد كذلك بالنسبة ليكنت أتقلب في فراشي كثيرا ولم أستطع النوم.. كنت خائفة كثيرا ولم أعرف لماذا؟كانت الرابعة بعد منتصف الليل .
كان الخوف يسيطر علي تماما ! وكل شئ كان مظلماً أمامي !
بدأت أقرأ ما أحفظ من سور .. قد حفظت كثيرا منها ولكن معظمه بل أكثره قد ضاع .. ونسيته مع قلة مراجعتي لههدأت قليلا.. ولكن الخوف لا زال يلازمني …. أغمضت عيني وجعلت أتذكركان شريط حياتي كله يمر أمامي.. أتذكر من طفولتي ما أتذكره وكيف بعد أن كبرت جعلت أتذكر ذنوبي الكثيرة وصلاتي التي غالبا بل دائما ما كنت أؤديها بتكاسل شديد وبنقر كالغراب .
تذكرت صديقتي التي كنت ألتقي معها والتي كانت مثلي أنا تلعب وتلهولم تفكر يوما في الموت !! ولا أنا !! كيف أنها في يوم خرجت ، ثم عادت .. ولكنها عادت داخل ذاك الصندوق . نعم ، ماتت في حادث سيارة.
تذكرت نفسي لو أنه جاءني ملك الموت ليقبض روحي ، فما عساي أخبره ؟!
أأنا مستعدة للموت ؟ أعملت ما يكفيني ؟!
أتراني أكون من أهل الجنة أم من أهل النار؟
..لا.. بالطبع سأكون من أهل الجنة … ولكن بماذا سأدخل الجنة ؟!
ماذا فعلت لأكون من أهلها ؟ وماذا قدمت لنفسي لأدخلها؟أمن صراخي اليومي على أمي ؟! أم من غيبتي ونميمتي لصديقاتي ؟! أم من تبرجي ولباسي؟! أم من الأغاني والأفلام والبرامج المليئة بما يغضب الله عز وجلسكتُّ قليلا … .. ولكني بالتأكيد أفضل من غيري.
لكن أفضل ممن ؟تذكرت تلكم الفتيات الطاهرات العفيفات اللاتي كنت ألاقيهن في المسجدكيف أن الواحدة منهن مستعدة أن تدفع حياتها ثمنا ولا يرى منها خصلة من شعرها .
فأين أنا منهن ؟!
قلت في نفسي : ألي عهد من الله أنه لن يتوفاني حتى أتوب ؟!
ألي من الله عهد أني لن أموت الآن أو غدا ؟!
أأعطاني ربي عهدا أنه سيغفر لي ويدخلني الجنة ؟!
... قمت من مكاني وأنا خائفة مرتعبة وفي عيني تجمدت دمعتانتوضأت وقمت أصلي وأنا أرتعد خوفاوأثناء الصلاة .. فوجئت بنفسي حينما وجدت عيناي تفيضان بالدموع ! فلقد كانت المرة الأولىالتي تبكي فيها عيناينعم … فقد كان كل بكائها من قبل على الدنيا ! والآن هي بالفعل تبكي بحرقة ، تبكي خشية لله عز وجل تبكي على ذنوب كثيرة وعظيمة ارتكبتها وهي لا تبالي وهي تظنها هينة
(( وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ))
فشتّان بين البكاءين .
لا تصدقوا كيف أحسست بمعنى تلك الآيات التي كنت أتلوها وكأنني أتلوها لأول مرةعلما بأنني أصلي بها نفسها منذ سنوات عديدةبقيت ساجدة لوقت طويل لم أشعر بهالشيء الوحيد الذي شعرته والذي أحسسته بالفعل أني بين يدي العظيم بين يدي خالقي ومصوريفصرت أدعوه وأستغفره كثيرا وأحمدهوعزته وجلاله أني أحسست بالفعل أنني بين يديهلم أصدق نفسي ماذا كنت أقول ... كنت أدعوا بأدعية ما علمت أني أعرفها من قبل .. صارت شفتاي تنطقان وقلبي الوحيد .... الذي يدفعهما.
وبعد أن انتهيت من صلاتي .. سلمتوبدأت أتذكر ما أتذكر من ذنوبي التي عملتها ... وبدأت أنظر إلى نفسي وأقول :
ما الذي جعلك يا يداي تتحركين ؟ وقلبي من جعله ينبض وعيناي وأذناي وقدماي .... وكل شيء وصرت أنظر إلى كل ما حولي ... فكيف لبذرة صغيرة أن تصير شجرة عملاقة ؟قلت لنفسي : أين كنت كل هذه السنين ؟! .. أين أنا وأين غفلتي ؟ كيف لم أشعر به وقد كان قريباً مني !
شعرت فعلا بعظمته .
كيف لهذا الإنسان أن لا يشعر ، يبطر ويكفر ولا يحمد ، لا يصلي ولا يشكر !
وهو ... يمهله .. ويرزقه ولا يرفع عنه نعمته .. بل ويزيده رزقا بعد رزق في المال والولد وكل النعمكيف لهذا الإنسان وهذا الخالق العظيم .. يقول له ..تب,, أغفر لك كل ذنوبكلا بل وأبدلك سيئاتك كلها حسنات مكانها. ويرفض ! ويقول لا .. لا أريد !
كيف له ذلك ؟ ألا يعلم أنه لابد له من أن يموت يوما ؟!
ألا يتذكر كم سيعيش من السنين ؟سبعون ... ثمانون ... مائة .. أو حتى مائتي سنة .. ثم ماذا ؟ثم إلى مرتع الدود .. ثم إلى تحت التراب .. ثم إلى الظلماتمن ينير ظلمة ذلك اليوم ؟ من يؤنس وحشته تلك الساعة؟من يسري عنه ؟ من يطمئنه ؟ من يكون برفقته ؟أو .... من يدفع عنه العذاب حينئذ ؟أين فنانوه الذين تعلق قلبه بهم ؟ وأين أصحابه الذين شاركوه لهوه وعبثه ؟أين أهله الذين غفلوا عنه ؟ هل ينفعونه الآن ؟!
كم من السنين سيعذب في قبره قبل القيامة ؟قلت في نفسي : أين هو فرعون اليوم ؟ أين هم الجبابرة الذين طغوا منذ آلاف السنين ؟يا إلهي … .لازالوا يعذبون إلى الآن ! (( ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون))
ثم تخيلي يا نفسي ستقفين على أرض المحشر خمسين ألف سنة ! في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حافية عارية لا أكل ولا شرب.. تموتين عذابا.. ولا تموتينثم تخيلي لو أنك دخلتي جهنمستحتاجين لتسقطي فيها سبعون سنة !! (( أي مثل عمر ابن آدم )) .. ثم قد تبقين فيها سنة ، مائة ، ألف مليون سنة ، الله أعلموما بالك بمن هو خالد فيهاقلت لها : أيا نفس ويحكألا تبصرين ؟! ألا تفقهين ؟! أم أنك لا تدركين ؟ !
ألا تتوبين إلى الله ! ألا تنقذين نفسك !
لا زالت لديك الفرصة لتنقديها قبل أن يتخطفك الموت !
عندئذ لا توبة ولا رجوععندئذ ستندمين.. بل! ستتقطعين ندما على هذه الأيام التي ضاعت منك وأنت تؤجلين توبتك ... عندها ورب العزة لن ينفع الندم ولن تنفع التوبةعندها ستقولين دما وحرقة : (( رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت)) وسيقال لكِ : (( كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ))
قمت من مجلسي مع سماعي لأذان الفجرصليت الفجر .. وجلست أقرأ قليلا من كتاب الله الذي كنت قد هجرته منذ رمضان السابق أو ربما قبلهبقيت حتى طلعت الشمس !! و ذهبت إلى فراشي !! كان في قلبي سعادة عظيمة أحسست بهاوأنا أمسح دمعاتي التي نزلت على خدي ، وكأنما تنزل مع كل قطرة منها خطاياي وذنوبيوكأنها كانت تنزل لتغسل قلبي وتطمئن نفسيوربي أنه كان شعور .. لم أشعره مع أي سعادة في حياتي .. وأنها كانت فرحة لم أشعر
!!! بمثلها من قبلفجعلت أقول وأردد (( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب))
فصدق الخالق .. صدق الذي لا إله غيره .. والذي ما في الدنيا أعظم من ذكرهسعادة واطمئنان في الدنيا .. وفي الآخرة « مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر علىقلب بشر >>
فمالنا لا نكسب دنيانا و أخرانا ؟!
لا نترك توافه تظلنا مالنا لا نترك الأغاني مثلا ؟ والله إني احتقرت نفسي كيف كنت أسمعهافما كانت تزيدنا إلا هما وغما وحزنا ، ما كانت إلا تظلنا وتجعلنا كالمعتوهينالله قد جعل لجميع شهواتنا مخرجا في الدنيا فمالنا لا نصبر فنقضيها فيما أحل الله لنا .!
وأغمضت عيني بعدها ونمت …فما أحسست بطعم النوم إلا يومها .. وكأني لم أنم منذ تسع عشرة سنة مضت من عمري !!!
ومن يومها ... لم أعرف قلقا أو خوفا في نومي ... وصار هادئا مريحا بحمده تعالى .
اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأنر لنا بالحق دربنا وثبتنا على الهدىاللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابهاللهم اهدْ شباب المسلمين وارزقهم الطهر والستر والعفاف وارزقهم الزوجات الصالحات
...والأزواج الصالحين يا أرحم الراحمين
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ونعوذ بك من سخطك والنار يا عزيز يا قوي يا جباروسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليكوالسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته