محراب الحقيقة
عقل الإنسان.. مطحنة الأفكار التي لا تهدأ إلا إذا نام.. بل حتى و هو نائم..
يفكر.. يحلم
كم لهذه الأفكار في حياة الإنسان من أثر عميق
أثر على سلوكه.. ونجاحه أو فشله.. و سعادته أو تعاسته
سيل الأفكار الهادر هذا .
هل للإنسان السيطرة على أفكاره ؟
هل يقدر يختار الأفكار السليمة و يتجنب الأفكار
المعطوبة ؟
وإلا الأفكار عاملة مثل التنفس..
شيء لا إرادي ولا سيطرة للإنسان عليه ؟
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه (الفوائد) :
((إن الإنسان لم يُعطَ القدرة على إماتة الخواطر، ولا القوة على قطعها ،
فإنها تهجُم عليه هجومَ النَّفس ، إلا أنّ قوةَ الإيمان، والعقل ، تعينُ على
قبول أحسنها ، ودفع أقبحها . وقد خلق الله سبحانه وتعالى النفسَ
الإنسانية
شبيهة بالرحى الدائرةٍ التي لا تسكن ، ولا تتوقّف عن الدوران ، ولا بدّ
لها
من شيءٍ تطحنه ، فإن وضع فيها حَبّ طَحَنتهُ ، وإن وضع فيها تراب
طحنته)) .
والأفكار والخواطر التي تجول في النفس ، هي بمنزلة الحَبِّ الذي
يوضع في الرحى ، فمن الناس من تطحن رحاه حبّاً يُخرج دقيقاً ينفع به
نفسه وغيره ، وأكثرهم يطحن رملاً وتبناً وما إلى ذلك، فإذا جاء وقتُ
العَجن والخَبز تبيَّن له حقيقةُ طحينه
ويقول رحمه الله أيضا
((دافع الخواطر الضارة التي تهجم على عقلك ، فإن لم تفعل تحوّلت
الخواطر إلى أفكار، ثم تتحول الأفكار إلى شهوات، والشهواتُ إلى همم
وعزائم، فإن لم تُدفع صارت فِعلاً، فإن لم تتداركه بضدِّه صار عادةً
يصعب الانتقال عنها)) .
انتهى كلامه بتصرّف بكلام أعجبني جدا
قرأته.. و تأملت حال أمتنا.. و تحسرت فعلا
قد إيه محتاجين ننقي عقولنا من الأفكار الطفيلية.. من الظنون..
والأوهام
كم نحتاج أن نجعل عقولنا محرابا للحقائق فقط.. بحيث نتخلص من أي فكرة
لا نعرف لها أصلا نردها إليه.. بحيث تصبح موثقة و معلومة المصدر