الفيس بوك.. المنتديات.. والمدونات
الترتيب الزمني لظهور واستخدام الثلاثي أعلاه في عالم الإنترنت أعزائي هو في الحقيقة عكس الترتيب المذكور في العنوان،فقد أقدمت العديد من المواقع –بدأت الفكرة على يد جون بارجر 1997- على توفير خدمة "المدونات" للمستخدمين والمدونة "Blog" هي مساحة من عدة صفحات ويب تتيح للمستخدم تدوين وكتابة مقالات دورية ويُسمح له بإدارتها والتحكم بمحتواها ومساهمات الزوار بدرجة معينة، بدأ الانتشار الفعلي للمدونات عام 1999م وتمايزت لاحقاً إلى أنواع عديدة منها مايشبه المذكرات اليومية، ومنها مابقي في صورة المقالات الدورية، ومؤخراً أصبح بعضها مختصاً بالصور والفيديو، أو متابعة أخبار معينة، وكثرت كذلك المدونات الجماعية و المنوعة.
كانت ومازالت كثير من المدونات تسدي إلى الثقافة وفنون الأدب على الشبكة الكثير فتمد المتابع بالجديد والمميز في مجالاتها.
لاحقاً ساعد التطور المضطرد في التقنيات والإمكانيات البرمجية إلى إيجاد فكرة أكثر عمقاً وتنظيماً ألا وهي المنتديات الإلكترونية، المنتدى عبارة عن مجتمع افتراضي يضم مجموعة من المستخدمين تجمعهم فكرة مشتركة أو قيمة معينة يمثلها المنتدى المعني، ويقومون بالنقاش حول القضايا والأفكار بكتابة الموضوعات والرد عليها وفق ضوابط عديدة، وتبعاً لهذا التعريف تتمايز المنتديات إلى إسلامية، أدبية، سياسية، ثقافية، ترفيهية بل وحتى إقليمية قبلية، وذات اتجاه فكري فلسفي معين، ونوع شائع يضم مزيجاً من جميع الأنواع السابقة.
ومن تجربتي الخاصة فإن الفارق الجوهري بينها وبين المدوّنة هو أن المنتديات تتخذ شكلاً أكثر تنظيماً يشبه أنظمة الدول والمؤسسات فهناك إدارة، إشراف ومراقبة، عضويات فخرية، أعضاء مميزون وموهبون وذوو شعبية، وآخرون عاديون، ومجموعة منهم قد تعتبر عدائية أو مخربة.. تماماً كما في المجتمع الحقيقي.
الوسيلة الثالثة والتقنية الأحدث في عالم التواصل عبر الإنترنت هي مواقع التعارف الاجتماعي وأشهرها على الإطلاق "الفيس بوك"، بدأ موقع Facebook حسب قصته الشهيرة كدفتر للتعارف وقاعدة لبيانات طلاب جامعة هارفارد بأمريكا، وهو اليوم يضم الملايين من أنحاء العالم بعد التوسع في تطبيق الفكرة ونجاحها الكبير.
الفيس بوك ورغم الصفحات والمجموعات "الجروبات" الهادفة التي يحويها أصبح أداة سالبة في عدة نواحي، يساعد في ذلك طبيعته المبنية على تقديم التعارف الاجتماعي على الفائدة وتبادل المعلومة عكس النوعين السابقين، في المنتديات ورغم الاستخدام الغير سليم لها في حالات خاصة ومحدودة تجعل التعارف لاحقاً على الفائدة أو القيمة التي يمثلها، وحتى الصداقات التي تنتقل من المنتدى إلى عالم الحقيقة يكون سببها -على الأغلب- استحسان كتابات وفهم وشخصية الآخر المقابل، وليس مجرد بياناته الشخصية أو صورته أو نطاقه الإقليمي كما يحدث -غالباً- في الفيس بوك ومواقع التعارف الاجتماعي المختلفة التي تساعد مساحة الحرية الكبيرة فيها على هذا.
يتيح الفيس بوك رغم عيوبه فرصة طيبة للشخصيات المؤثرة في المجتمع والعالم التواصل مع معجبيهم بصورة سريعة مما قد يكون له أثر حسن بنشر معلومات ورؤى مفيدة، ولا أود أن أنسى في نهاية المقال التأكيد أن المدونات ورغم طوفان المنتديات والفيس بوك مازالت تحتفظ بخصوصيتها وألقها وتمد كليهما بالجميل والجديد.
نواصل وبانتظار آرائكم وتعقيباتكم