كانت سياسة الرشيد سياسة رشيدة في الداخل والخارج،
غزا الروم حتى وصل إلى "إسكدار" من ضواحى "القسطنطينية" أيام ولايته العهد، وتغلغل مرة ثانية فى بلادهم وغزاهم فى خلافته بضع غزوات، وأخذ منهم "هرقلية"،
وبعث إليه ملكهم بالجزية عن شعبه، واشترط عليه الرشيد ألا يعمر هرقلية، وأن يحمل إليه فى السنة ثلاثمائة ألف دينار.(العصر الذهبي)
وكان "نقفور" قد نقض العهد الذي أعطته الملكة "إريني"، التي كانت تحكم الروم قبله، وأرسل إلى هارون الرشيد رسالة يهدده فيها: "من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب:
أما بعد؛ فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرَّخ (طائر خرافي يعرف بالقوة)، وأقامت نفسها مقام البَيْدق(يعنى مقام الضعيف)،فحملت إليك من أموالها ما كنت حقيقًا بحمل أضعافه إليها، لكن ذلك لضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأتَ كتابي هذا، فاردد ما حصل لك من أموالها، وافتدِ نفسك بما تقع به المصادرة لك، وإلا فالسيف بيننا وبينك".
فلما قرأ الرشيد الرسالة غضب غضبًا شديدًا حتى لم يقدر أحد أن ينظر إليه، فدعا بدواة وكتب إلى نقفور ملك الروم ردّا على رسالته يقول:
من هارون أمير المؤمنين
إلى نقفور كلب الروم،
قد قرأت كتابك يابن الكافرة، والجواب ما تراه دون أن تسمعه، والسلام".
وقاد بنفسه جيوشًا جرارة، ولقّنه درسًا لا يُنسى،فعاد إلى أداء الجزية صاغرًا،
بعد أن خضع أمام قوة المسلمين وعزة نفوسهم.
(( منقول))