الشريف الغازى روح المنتدى
عدد المشاركات : 61 العمر : 39 التقييم : 21 نقاط التميز : 9569 اشترك فى : 31/03/2010
بطاقتى قوة الأشراف: (0/0) احترام قوانين المنتدى: (0/0)
| موضوع: حق ـآلشريف على ـآلأمة ـآلمحمدية الثلاثاء 12 أكتوبر 2010 - 4:56 | |
| حق الشريف على الأمة المحمدية
بقلم الدكتور / علي عبده الشيخ كلية اللغة العربية - جامعة الأزهر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين وعلى آله البررة الطيبين , وبعد :
فقد كان حفدة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كالزهرة التي يعبق أريجها بين الصحابة رضوان الله عليهم , فلما شاخ الزمان , ورأينا اكثر الناس في حق آل البيت مقصرين , وعما لهم من الحق معرضين , ولمكانتهم ومقدارهم مضيعين , وبقرابتهم وصلتهم برسول الله جاهلين , والله جل في علاه يقول " وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين " فأحببت أن أقيد في ذلك نبذة تدل على عظيم مقدارهم , وشريف مكانتهم , وتنبه الغافل إلى عظيم فضل الله عليهم , وترشد الورع المتقي لله تعالى على جليل أقدراهم " ليهلك من هلك عن بينة , ويحيا من حي عن بينة " (سورة الأنفال الآية 42)
والله تعالى أسأله الهداية , وأعوذ به من الضلال والغواية , إنه سميع مجيب ,,,
حق الشريف على الأمة المحمدية
باسم الله , والحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين , وأصلي وأسلم على خير خلقه , سيدنا محمد , الرحمة المهداة , والنعمة المسداة , اللهم صل وسلم عليه وعلى آله العترة الكرام , والمصطفون من الأنام وبعد ...
فلقد خصنا الله تعالى برحم رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – وقرابته , فانبتنا من شجرته , واشتققنا من نبعته , وجعله من أنفسنا عزيزا عليه ما عنتنا , حريصا علينا بالمؤمنين رؤفا رحيما , ووضعنا من الاسلام وأهله بالموضع الرفيع , وأنزل بذلك على المسلمين كتابا يتلى عليهم , فقال عز من قائل فيما أنزل من محكم القرآن :
" انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " (سورة الأحزاب الآية 33) وحث المسلمين على التودد إلينا , وتعظيم حقنا , فقال سبحانه " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " (سورة الشورى الآية 23) بعد أن بدأ بنا عبادته , وقدمنا على العالمين فقال جل في علاه " وانذر عشيرتك الأقربين " (سورة الشعراء الآية 214) وأوجب لنا رزقا كريما وضمن لنا معاشا ثابتا , فقال جل ثناؤه , وتقدست صفاته " ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى , فلله وللرسول , ولذي القربى واليتامى والمساكين " (سورة الحشر الآية 7) فأعلم الورى – جل ثناؤه – فضلنا , وأوجب على الأمة حقنا , ومودتنا واجزل من الفئ والغنيمة , تكرمة منه تعالى لنا , وفضلا منه تعالى علينا , والله ذو الفضل العظيم.
والمعنى أن الله تعالى يوجب على كل مسلم ولاؤه لآل البيت , وأن ذمته رهينة بما يضمره لهم , ورقبته مدينة بالوفاء لهم , والصلاة عليهم , بدليل الآية الكريمة " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " (سورة الشورى الآية 23) والمعروف أن آل بيت رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – هم اهل الفضل والاحسان , وتلاوة القرآن , ونبعة الايمان , لهم كلام يعرض في حلى البيان , وينقش في فص الزمان , ويحفظ على وجه الدهر , ويفضح قلائد الدر , ويخجل نور الشمس والبدر , ولم لا وهم يطئون ذيول البلاغة , ويجرون فضول البراعة , وأبوهم الرسول – صلى الله عليه وسلم – وأمهم البتول , وكلهم قد غذى بدر الحكم , وربى في حجر العلم (تاريخ الأدب العربي في العصر العباسي – السباعي بيومي ص 64)
ما منهم إلا مربى بالحجى = أو مبشر بالأحوذية مؤدم
أولئك قوم بنور الخلافة يشرقون = وبلسان النبوة ينطقون
لو كان يوجد عرف مجد قبلهم = لوجدته منهم على أميال
إن جئتهم أبصرت بين بيوتهم = كرما يقيك مواقف التسآل
نور النبوة والمكارم فيهم = متوقد في الشيب والأطفال
(تاريخ الأدب العربي في العصر العباسي – السباعي بيومي ص 65)
ولقد قام رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – يوما في صحابته بماء يدعى " خما " – بين مكة والمدينة – فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال " ألا أيها الناس فانما أنا بشر يوشك أن ياتي رسول ربي فأجيب , وانا تارك فيكم ثقلين أولهما : كتاب الله فيه الهدى والنور , فخذوا بكتاب الله , واستمسكوا به , فحث على كتاب الله ورغب فيه , ثم قال : واهل بيتي , اذكركم الله في اهل بيتي , اذكركم الله في اهل بيتي " (صحيح مسلم ج2 ص362) وبذا قرن الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم – آل بيته بالذكر الحكيم في قران واحد لأفضليتهم على الأمة , وعن "سعيد بن جبير" قال : معنى قوله تعالى " قل لا أسالكم عليه اجرا إلا المودة في القربى " أن تودوني في قرابتي , فتحسنوا إليهم وتبروهم , وتعرفوا لهم حقهم في التعظيم والاجلال , والتوقير والاكرام , وقد قال سيد الأنبياء وخاتم المرسلين " أحبوا الله لما يغدوكم به , واحبوني لحبكم الله , وأحبوا اهل بيتي بحبكم لي " (من حديث أبي سعيد)
فكان حب آل البيت – رضى الله عنهم – دليلا على كمال الايمان وصدقه , وبغضهم آية على فساد العقيدة ومرض القلب , وقد قال – صلى الله عليه وآله وسلم – " لا يحب أهل البيت إلا مؤمن , ولا يبغضهم إلا منافق "
وحذر الذي أرسل رحمة للعالمين , أمته من ايذائهم أو ظلمهم أو الأستخفاف بحقهم فقال صلى الله عليه وسلم :
" حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي , وآذاني في عترتي " (الجامع للقرطبي ج12 ص22)
وقضى الله تعالى – وهو خير الحاكمين – بان مقام آل البيت , وحفدة رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – من مقام سيد البشرية , وشرفهم مستمد من شرفه – صلى الله عليه وسلم – وجعل رأس العبادة وهي الصلاة تختتم بالدعاء لهم , فيقول المسلمون خاشعون " اللهم صل على محمد وعلى ىل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم , وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد " (الفخر الرازي مجلد 13 ص228)
ويجعلها الامام الشافعي – رضى الله عنه – قضية فقهية , مغزاها أن حب حفدة الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم – فرض لازم على كل مسلم فيقول :
يا آل بيت رسول الله حبكم = فرض من الله في القرآن أنزله
يكفيكم من عظيم الفخر أنكم = من لم يصل عليكم لا صلاة له
وبهذا فحب آل البيت من الايمان , ومقامهم من مقام سيد البشرية – صلى الله عليه وآله وسلم – وهم فخر كل عصر , وشرف كل مكان إلى قيام الساعة , ولقد بلغت كرامتهم عند الله تعالى , أن حرم عليهم الصدقات دون الناس جميعا , وأحل لهم الهدايا والهبات (الصواعق المحرقه للهيتمي ص146)
ولقد رفع العذاب عن الأمة المحمدية مادام رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيهم " وما كان الله ليعذبهم وانت فيهم , وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون " (سورة الأنفال الآية 33)
كما رفع الأستئصال عن هذه الأمة المرحومة ما دام فيهم آل بيت رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – وحفدته فوجودهم امان للأمة من الخسف والنسف , وبذا قال الذي لا ينطق عن الهوى " مثل اهل البيت , مثل سفينة نوح , من ركبها نجا , ومن تركها غرق " ومن رزقه الله حب آل البيت , نال شفاعة المصطفى – صلى الله عليه وسلم – الذي يقول : " شفاعتي لأمتي , من احب آل بيتي , ومن مات على بغض آل محمد فلا نصيب له في شفاعتي "
وقد بلغ من كرمهم على الله تعالى , أنه لما قبض النبي – صلى الله عليه وسلم – جاءتهم التعزية من عند الله في صورة آت يسمعون صوته ولا يرون شخصه يقول لهم :
" السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته , " كل نفس ذائقة الموت , وإنما توفون أجوركم يوم القيامة " إن في الله عزاء من كل مصيبة , وخلفا من كل هالك , ودركا من كل فائت , فبالله فثقوا , وإياه فارجو , فإن المصاب من حرم الثواب , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته." (تفسير ابن كثير ج2 ص154)
قال الإمام الغالب علي بن أبي طالب – رضى الله عنه – هذا الخضر – عليه السلام .
وفي تفسير ابن كثير لآية " قل لا أسألكم عليه اجرا إلا المودة في القربى " أي لا أطلب منكم اجرا على ما قمت به من دعوتكم إلى الايمان , وهدايتكم إلى سبيل الحق والرشاد , وما تحملته في ذلك من عناد واضطهاد , إلا أن توادوا قرابتي من بعدي , وتراقبوا الله فيهم , وتحفظوني في أشخاصهم مراعاة لجانبي , ووفاء ببعض حقي " (تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج4 ص112)
وقد تضافرت أقوال المفسرين أن المقصود بآل البيت " علي وفاطمة وأبناؤهما " ولقد سألت الصحابة – رضي الله عنهم - : يا رسول الله : من هؤلاء الذين نودهم من قرابتك , فقال : علي وفاطمة وابناؤهما .
وعندما نزلت آية المباهلة " إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون , الحق من ربك فلا تكن من الممترين , فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين "
أقبل رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – مشتملا على الحسن والحسين وعلي يمشي وراءهم وفاطمة تمشي خلفهم , والرسول – صلى الله عليه وسلم – يقول لهم : إن أنا دعوت فأمنوا . (تفسير ابن كثير ج1 ص367)
وهكذا على كر السنين , ومر القرون , نرى اجماعا من أهل العلم والايمان على توقير آل بيت رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – وإجلال حفدته أهل الفضل والإحسان وتلاوة القرآن , واستشعار محبتهم , وإعلان فضلهم , لا يشذ عن ذلك إلا محروم , ولا يجادل فيه إلا مذموم .
وهذا العلامة الشعراني يقول :
" سمعت سيدي عليا الخواص يقول : من حق الشريف علينا أن نفديه بأرواحنا , لسريان لحم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ودمه الكريمين فيه , فهو بضعة من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وللبعض من الاجلال والتوقير ما للكل , وحرمة جزئه – صلى الله عليه وسلم – كحرمة جزئه حيا , على حد سواء .
وقد قال الصادق المصدوق – صلى الله عليه وسلم – " فاطمة بضعة مني يغضبني ما يغضبها ويؤذيني ما يؤذيها " (انظر المنن الكبرى للشعراني)
ولقد امرنا الله تعالى بمودتهم وحبهم , واستقامة الشريف وغيرها قضية اخرى تركت للذي خلق الشريف , وما علي إلا السمع والطاعة لأمر ربي , أما أن يليق الشريف بمكانته التي حباه الله بها أو لا يليق فهذا شئ لا يعنيني , ولا دخل لي فيه , وإنما الذي يهمني أنني مأمور بمودته وتوقيره من الله تعالى , وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده , فقد تجئ آية الطور فتأخذ بيده حتى تدخله الجنة " والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذريتهم وما التناهم من عملهم من شئ , كل امرئ بما كسب رهين "
ولا حرج على فضل الله .
وكفى أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : ما بال أقوام يؤذونني في اهل بيتي ؟ والذي نفسي بيده , لا يؤمن عبد حتى يحبني , ولا يحبني حتى يحب ذريتي . (تفسير أبي السعود ج5 ص69)
وقد أذهب الله عنهم الرجس , وطهرهم تطهيرا , فهم بفضل الله بريئون من المعاصي , والأدناس , بحكم صلتهم بأشرف الخلق بعيدون عن التلوث بها .
وقد ذكر الفخر الرازي أن آل النبي – صلى الله عليه وسلم – تساووا مع جدهم المصطفى – صلى الله عليه وسلم – في خمسة اشياء : في الصلاة عليه وعليهم في الصلاة , وفي السلام وفي الطهارة من الرجس والآثام , وفي تحريم الصدقة عليهم وفي المحبة لهم في قلوب العباد . (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج4 ص104)
وقال أبو سليمان الدارني " من أراد أن يسأل الله تعالى حاجة فليبدا بالصلاة على النبي وآله , ثم يسأل الله حاجته , ثم يختم بالصلاة على النبي وآله , فان الله تعالى يقبل الصلاتين , وهو أكرم أن يرد ما بينهما " (الصواعق المحرقة للهيتمي ص148)
وقيل آل البيت "أصحاب الكساء" فعن أم سلمة – رضي الله عنها – قالت : كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في حجرتي فجاء علي بن أبي طالب ثم فاطمة وابنيها الحسن والحسين فوضع عليهم الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم – كساء ثم قال : " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " ثم ألوى بيده إلى السماء يدعو لهم ويقول : اللهم أذهب الرجس عن أهل بيتي وطهرهم تطهيرا " فسموا أصحاب الكساء . (انظر الحاديث الواردة في فضل آل البيت)
وقد قال – صلى الله عليه وآله وسلم – " أثبتكم على الصراط أشدكم حبا لأهل بيتي , وشفاعتي لأمتي لمن أحب أهل بيتي "
فمن أبغض آل البيت وحفدة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أو تطاول عليهم , أو استحل حرمتهم , طرده الله من رحمته , وأنزل عليه نقمته .
وفي الحديث " ألا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة , ولا نصيب له في شفاعتي , وجاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه " آيس من رحمة الله " (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج16 ص23)
وضرب الخليفة العباسي الامام مالك بن أنس صاحب مدينة رسول الله وفقيهها مائة سوط في " بدعة خلق القرآن " فلما استبان الحق وظهر امر الله , ذهب الخليفة العباسي يستعفي الامام مما أنزله به , وهنا دمعت عينا الامام وهو يقول : وحق قرابتك من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه ما نزل على ظهري سوط إلا وأنا أستغفر الله لك , لقرابتك من الذي بعث رحمة للعالمين , ولحيائي منه أن ابعث يوم القيامة , وأنا أخاصم بعض أهله . (انظر البداية والنهاية ج8 ص46)
وحدث قاضي القضاة عزالدين البكري البغدادي قال : رأيت في المنام كأني بمسجد الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم – وقد انفتح القبر المقدس وخرج الرسول – صلى الله عليه وسلم – واشار بيده المقدسة إلي فجلست بين يديه فقال قل للمؤيد يفرج عن عجلان فانتبهت , فلما جلست في مجلس السلطان ذكرت ذلك للمؤيد وأقسمت أنني لا اعرف عجلان قط , فلما انفض المجلس قام وذهب إلى القلعة واستدعى الشريف عجلان من سجنه وأفرج عنه . (فضل آل البيت للمقريزي ص82)
وفي نهاية هذه العجالة يمكنني القول بأن حب آل البيت والتودد إلى حفدة الرسول – صلى الله عليه وسلم – أمر شرعه الله في كتابه , وأوجبه على عباده وحثهم على التواضع لهم والتبرك بهم , فدماؤهم مستمدة من دماء الذي ارسل رحمة للعالمين ولا بد أن يكون في الأبن شئ من أبيه , وقيل : بأبيه اقتدى عدي في الكرم , ومن يشابه أبه فما ظلم ,,,,,
وصلى الله وسلم على سيد الأنام , وآله البررة الكرام
| |
|